أنواع الخيار..~




أنواع الخيار




الإسلام دين العدل والرحمة، والتسامح، والحكمة، ولذلك شرع رسوله صلى الله عليه وسلم لأمته الخيار في البيع، وحثهم وحضهم على الإقالة فيه وفي غيره، فقال: "من أقال معثراً أقال الله عثرته يوم القيامة" الحديث، لأن الإنسان قد يتعجل في البيع والشراء، أويُخدع، أوتظهر له عيوب في السلعة، فجعل له الرسول الكريم مجالاً للتراجع، ولتدارك ما يمكن تداركه، رفعاً للحرج والمشقة.
فالخيار في البيع هو طلب خير الأمرين، من الإمضاء والفسخ.
وهو أنواع، منها ما هو متفق عليه بين العلماء، ومنها ما هو مختلف فيه، من ذلك :


أي المجلس الذي تم فيه العقد.
عن حكيم بن حزام رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرَّقا، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا فعسى أن يربحا ربحاً ويُمحقا بركة بيعهما".1
وعن ابن عمر رضي الله عنهما يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا تبايع الرجلان، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرَّقا وكانا جميعاً".2
ذهب العامةمن أهل العلم أن المراد بالتفرق هو التفرق بالأبدان، وهو الراجح، لتفسير ابن عمر لذلك وهو راوي الحديث، فكان إذا باع أو اشترى وأراد أن يلزم بذلك خرج من المجلس.
وذهب أبو حنيفة ومالك رحمهما الله أن المراد بالتفرق التفرق بالكلام، يعني: بعني، بعتُك، ولذلك لم يأخذا بخيار المجلس، وما ذهبا إليه مرجوح ومردود بتفسير ابن عمر للمراد، ولأن التفرق عرفاً لا يكون إلا بالأبدان.
وعليه فإذا تبايع رجلان فلكل منهما إمضاء البيع أوفسخه ما داما في المجلس الذي تم فيه البيع، طال هذا المجلس أم قصر، ما لم يشترط أحدهما أوكلاهما إمضاء البيع، ويحرم على أحد المتعاقدين أن يخرج من المجلس بحيلة إسقاط الخيار.
و الدليل ( البيعان بالخيار مالم يتفرقا فإن صدقا و بينا بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا و كتما محقت بركة بيعهما )0
واذا كان الخيار عبر الهاتف..فإنه ينتهي بمجرد انتهاء المكالمة.
وفي هذا الخيار منافع جليلة وفوائد كثيرة، وفي عدم الالتزام به أضرار بليغة وخسائر فادحة قد تقع بأحد المتعاقدين.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: (في إثبات الشارع خيار المجلس في البيع حكمة ومصلحة للمتعاقدين، وليحصل تمام الرضا الذي شرطه تعالى بقوله: "عن تراضٍ منكم"3، فإن العقد يقع بغتة من غير تروٍّ، ولا نظر في القيمة، فاقتضت محاسن هذه الشريعة الكاملة أن يجعل للعقد حرماً، يتروى فيه المتبايعان ويعيدان النظر، ويستدرك كل واحد منها.
وقال في موضع آخر من الكتاب نفسه:4
فلكل من المتبايعين بموجب هذا الحديث الشريف ما لم يتفرقا بأبدانهما من مكان التبايع، فإن أسقطا الخيار بأن تبايعا على أن لا خيار لهما أوأسقطه أحدهما سقط، ولزم البيع في حقهما أوحق من أسقطه منهما بمجرد العقد، لأن الخيار حق للعقد، فيسقط بإسقاطه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما لم يتفرَّقـا أو يخيِّر أحدهما الآخر"، ويحـرم على أحدهما أن يفارق أخاه بقصد إسقاط الخيار، لحديث عمـرو بن شعيـب، وفيه: "ولا يحلُّ له أن يفـارقه خشية أن يستقيله"


وهو أن يشترط العاقدان أو أحدهما مدة معلومة، سوى مدة خيار المجلس، وذلك لقوله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"6، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحلَّ حراماً أوحرَّم حلالاً".7
وشروطه : رضا الطرفين , تحديد المدة حتى ان طالت , ان يكون الى مدة معلومة.


العيب هو النقص في السلعة.
يحق لكل من المتعاقدين أن يردَّ السلعة إذا ظهر له فيها عيب لم يتبينه عند الشراء، أما إذا علم العيب ساعة الشراء فلا يحل له الخيار.
ويحدد العيب الذي ترد به السلعة العُرف، والمختصون بتلك السلعة.
فإذا ثبت العيب فالعاقد بالخيار، إما رد السلعة واخذ ثمنها كاملا ، أوأخذ الأرش، وهو الفرق بين قيمة السلعة وهي سليمة، وقيمتها وهي معيبة.
حكم كتمان العيب , ومثاله بالتفصيل :
      - محرم على البائع كتمان العيب .
       - مثاله : - من اشترى سيارة ( 15000 ريال ) خمسة عشر ألف ريال , فوجد محركها قد أصابه التلف فأنه بالخيار إما أن يرد السيارة ويأخذها ما دفعه قيمة لها أو يأخذ أرش العيب بأن تقدر السيارة سليمة ( 10000 ريال ) عشرة آلف ريال وتقدر معيبة بمبلغ ( 8000 ريال ) ثمانية آلف ريال و الفرق بين القيمتين ( 2000 ريال ) ألفان ريال ويمثل 1/5 قيمة السيارة سليمة . فيرجع البائع للمشتري ثمن الباقي وه ( 3000 ريال ) ثلاثة الألف ريال . فيكون دفع المشتري ( 12000 ريال ) أثنى عشر ألف فقط .


والتدليس هو تزيين السلعة المعيبة وإظهارها بمظهر السليمة والحسنة.
وأنواع التدليس كثيرة جداً، منها ما يفعله الباعة في الأسواق المركزية للفاكهة والخضر، حيث يضعون الطيب أعلى والرديء أسفل، وقد مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على صاحب صبرة فعل ذلك، فأدخل يده فوجد أسفل الطعام مبلولاً، فقال: "من غشَّنا فليس منا"، ومثل طلاء السيارة وصب نوع معين من الزيوت فيها ليخفي خفة محركها، ونحو ذلك. وحكمه : محرم ، لما فيه من الغش والخداع.
ومن التدليس تصرية البهائم، ولهذا نهى الشارع عن التصرية، فقال: "لا تصرّوا الإبل والغنم، فمن ابتاعها8 فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاعاً من تمر".
                                                                                                                                     

والغبن هو هضم الحق والظلم.
ولخيار الغبن صور عدة نهى الشارع عنها، منها:
o  تلقي الركبان، وهم القادمون من المزارعين من الأقاليم إلى المدينة، يتلقاهم بعض السماسرة والوسطاء، فيشترون منهم بأسعار دون سعـر المثل، لقـوله صلى الله عليه وسلم: "لا تلقوا الجَلَب ـ وهم الركبان ـ فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار".10
o  النجش، وهو الزيادة في السعر لمن لا يريد شراء السلعة، أونقص السعر عن سعر المثل لمن يريد شراءها، وهو يحدث في بيع من يزيد، أويقول صاحب السلعة: أعطيتُ فيها كذا، وهو لم يُعط هذا المبلغ.
o   بيع المسترسل، والمسترسل هو الذي لا يحسن أن يساوم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "غبن المسترسل ربا".


وهو إذا كتم البائع السعر الحقيقي وزاد عليه، فالمشتري بالخيار، إما الفسخ وإما الإمضاء.





الفرق بين نفي الخيار و إسقاطه 

نفي الخيار : أن يتبايعا على أنه لا خيار بينهما وهذا جــــائز، ويلزم البيع بمجرد العقد0
إسقاط الخيار : أن يتبايعا ثم يتفقا بعد العقد و قبل التفرق على إسقاط الخيار وهذا قد يلجآ إليه إذا دام مجلسهما طويلا و هذا جائز و يلزم البيع بعد إسقاط الخيار0


حكم التحايل لإسقاط الخيار مع الدليل :

لا يجوز لأحدهما أن يتحايل في إسقاط الخيار دون رضا صاحبه وذلك بأن يفارقه مباشرة بعد العقد بغرض إسقاط حق صاحبه في خيار المجلس و إنما يكون انصرافه بالتفرق المعتاد كذهابه لشراء غرض آخر أو إلى منزله 0
و الدليل ( المتبايعان بالخيار مالم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله (